والقولية؛ حيث قال ابن مسعود لما أتى النبي ﷺ بحجرين وروثة "أخذ الحجرين وألقى الروثة" وعلل ذلك بقوله: "إنها ركس" أي: نجس، فدل ذلك على اشتراط الطهارة فيما يُستجمر به، ويلزم من استعماله للحجرين، وردِّه للروثة اشتراط التنقية؛ لأن هذا لازم الحجرين، فإن قلتَ: لِمَ اشترط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن المراد من الاستجمار هو: إزالة عين النجاسة، ولا يحصل ذلك إلا باشتراط هذين الشرطين. [فرع]: لا يُشترط في كون الشيء المستجمر به مباحًا، فلو استجمر بالمغصوب أو بالمسروق لأجزأ، ولكنه يأثم؛ للتلازم؛ حيث يلزم من توفر شرطي ما يُستجمر به - وهما: الطهارة والتنقية -: صحة الاستجمار، ويلزم من غصب ذلك أو سرقته: الإثم، فإن قلتَ: لِمَ أثم؟ قلتُ: للمصلحة، وهو منع غصب الناس حقوقهم، فإن قلتَ: يشترط أن يكون ذلك مباحًا؟ وهو ما ذكره المصنف هنا، للتلازم؛ حيث يلزم من كونه محرمًا: تأثيره في الإجزاء، فيشترط، قلتُ: هذا لا يؤثر، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل الغصب مؤثر في الإجزاء أو لا؟ " فعندنا: لا، وعندهم: نعم.
(٣٥) مسألة: يحرم الاستجمار بالعظم والروث مطلقًا، أي: سواء كانا طاهرين أو نجسين؛ للسنة القولية؛ حيث نهى ﷺ عن الاستجمار بذلك - كما روى ذلك سلمان، وابن مسعود - فحرَّم الشارع ذلك؛ لأن النهي هنا مطلق فيقتضي التحريم، فإن قلتَ: لِمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الضرر يحصل بالاستجمار بهما؛ لأن "الروث" نجس، ومتفتت، فلو استجمر به لزاد من النجاسة، و"العظم" لا يخلو عادة من أطراف حادة فلو استجمر به: لجرح البشرة، ثم إنهما طعام الجن، فلو استجمر بهما لأفسد على إخواننا الجن طعامهم؛ حيث قال ﷺ:"لا تستنجوا بالروث ولا العظام: فإنه زاد إخوانكم الجن" - كما روى ابن مسعود -، فإن قلتَ: يجوز الاستجمار بهما؛ للقياس، بيانه: كما يجوز الاستجمار بالحجر فكذلك يجوز الاستجمار =