للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و "انقطاع ظهراه" (٢٣٣) (والنياحة) وهي: رفع الصوت بالندب (٢٣٤) (وشق الثوب ولطم الخد، ونحوه) كصراخ ونتف شعر ونشره، وتسويد وجه، وخمشه؛ لما في الصحيحين: أن رسول الله قال: "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب،

(٢٣٣) مسألة: يحرم الندب إذا مات ميت، وهو: ذكر أشياء لا تكون إلا لله كقول المصاب: "واسيِّداه" أو "واسنداه" أو "واجبلاه" أو "وانقطاع ظهراه" ونحو ذلك؛ للسنة القولية؛ حيث قال : "ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول: "واجبلاه، واسَيِّداه إلا وكَّل الله ملكين به يلمزانه ويقولان له: أهكذا كنت؟ " أي: يقول الملكان أهكذا كنت تعتمد على ذلك الميت، ولم تكن تعتمد على الله ﷿، فأنكر الشارع على القائل بذلك؛ لأن الاستفهام إنكاري، ويلزم من هذا الإنكار: أن يكون هذا الفعل محرمًا؛ إذ لو كان جائزًا لما أنكر عليه، فإن قلتَ: لمَ حرم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك مشعر بعدم الاعتماد على الله، والاعتراض على قضاء الله وقدره، فلذا حرم؛ حفاظًا على إيمان المسلم تنبيه: قوله: "الندب هو: تعداد محاسن الميت" قلتُ: هذا فيه نظر؛ لأن ذكر محاسن الميت كأن يُذكر أنه كان عالمًا، وكان يفعل الخيرات، وليس بمنافق لأحد مستحب؛ للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حث للآخرين أن يعملوا مثل فعله.

(٢٣٤) مسألة: تحرم النياحة على الميت، - وهو البكاء الشديد الصادر بنوح صاخب مزعج مُهيج للقلوب؛ للسنة القولية؛ حيث قالت أم عطية: "أخذ علينا رسول الله عند البيعة: ألا ننوح" فحرم النياحة؛ لأن هذا نهي مطلق، فيقتضي التحريم، و"لعن النبي النائحة والمستمعة" واللَّعن - وهو: الطرد من رحمة الله - عقاب، ولا يُعاقب إلا على فعل الحرام، فإن قلتَ: لمَ حرم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك مشعر بالتظلُّم والسخط من قضاء الله وعدم الرضا به، وهذا مخلٌّ بالإيمان محرم حفاظًا على عقيدة المسلم، فائدة: النائحة هي التي تفعل النوح وتصرخ، والمستمعة هي التي تسمعه ويُعجبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>