الإمام في مواضعها، ولا يكفر بقتاله للإمام (٤)، ومن ادَّعى أداءها، أو بقاء الحول،
(٤) مسألة: إذا منع شخص زكاة ماله: ففيه تفصيل هو كما يلي: أولًا: إن كان عارفًا بحكمها، ولكنه جحده وأنكره: فيُطبَّق عليه أحكام المرتدِّ، فيُستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب ودفع الزكاة: تُرك، وإن لم يتب: أخذت منه الزكاة، وقُتل؛ وكذا: يُفعل فيمن كان جاهلًا بحكم الزكاة فعُلِّم إياه، وأصرَّ على عدم دفعها؛ لإجماع الصحابة السكوتي؛ حيث إن أبا بكر ﵁ قد قاتل مانعي الزكاة، ولم يُنكر عليه أحد من الصحابة، فإن قلتَ: لمَ يُستتاب؟ قلتُ: لما ذكرناه فيمن جحد وجوب الصلاة في مسألة (١٥) من باب "حقيقة الصلاة وحكمها" من كتاب الصلاة، فإن قلتَ: لمَ يُقتل إذا لم يتب؟ قلتُ: لارتداده عن الإسلام: نظرًا لتكذيبه لله ورسوله، فيُقتل؛ لئلا يؤثِّر على غيره، فإن قلتَ: لمَ أخذت الزكاة منه مع أن الكفار غير مخاطبين بفروع الإسلام؟ قلتُ: لأن الزكاة قد استقرَّت في ذمَّته قبل الحكم بكفره فأصبحت من حقوق الفقراء، فإن قلتَ: لمَ يُعلَّم بحكم الزكاة إن كان جاهلًا؟ قلتُ: لكونه معذورًا بجهله فلا يؤاخذ به؛ قياسًا على النسيان والخطأ الوارد في قوله ﷺ:"عفي عن أمتي الخطأ والنسيان .. " ثانيًا: إن كان عالمًا بحكم الزكاة، ومُقرًا به، ولكنه امتنع من دفع الزكاة بُخلًا: فلا يحكم بكفره، وتُؤخذ منه قهرًا، ثم يُعزِّره ويؤدِّبه الإمام بما يراه مناسبًا، فإن امتنع عن دفعها: فللإمام - الذي يقوم بمصالح المسلمين -: أن يقاتله، ولا يكفر هذا البخيل بسبب مقاتلته؛ للقياس، بيانه: كما أن الدَّين يُؤخذ من المدين قهرًا إذا امتنع عن الوفاء به فكذلك الزكاة تؤخذ من البخيل هذا، والجامع: أن كلًا منهما حقٌّ يجب أن يُخرج ويُعطى أصحابه، فإن قلتَ: لمَ لا يكفر هذا البخيل إذا قاتل الإمام؟ قلتُ: لكونه مُعتقدًا وجوب الزكاة، وهو يُقاتله دفاعًا عن نفسه، فإن قلتَ: لمَ يُعزَّر؟ قلتُ: لأنه أخَّر الزكاة عن مستحقيها.