للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكرة ويضاف إلى معرفة، قال الشاعر:

وابن اللبون إذا ما لُزَّ في قرن ... لم يستطع صولة البُزْل القناعِيس

وطروقة الفحل: فعولة بمعنى مفعولة ولذلك دخلت عليها الهاء فإن فعولا إذا كان بمعنى فاعل فإنه يستوي فيه المذكر والمؤنث، تقول: رجل صبور، وامرأة صبور، ورجل شكور، وامرأة شكور.

وقد ذكر الخطابي -رحمه الله- في قوله: "ابن لبون ذكر" ما معنى زيادة قوله: "ذكر": وابن لبون لا يكون إلا ذكرًا!! يعني أنا أحكيه عنه كما ذكره ولم يتعرض إلى قوله أيضاً: "بنت مخاض أنثى، وبنت لبون أنثى، والبنت لا تكون إلا أنثى وأنا أذكر ما عَنَّ لي في ذلك".

وأما الخطابي فإنه قال في قوله: "ابن لبون ذكر" وجهين من التأويل:

أحدهما: أنه ورد على طريقة أمثاله من الألفاظ المكررة والتثبيت في النفوس وهذا كثيرٌ فاشٍ فيِ العربية ولاسيما في كتاب الله العزيز، كقوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ في الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (١): وقد عُلم أن الثلاثة والسبعة: عشرة؛ وإنما ذكر ذلك تكيدًا، وكقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رجبُ مُضَرٍ الذي بين جُمادى وشعبان" وقد علم أن رجبا لا يكون إلا بين هذين الشهرين.

والوجه الثاني: أن يكون ذلك تنبيها لكل واحد من رب المال والساعي، فأما رب المال: فلتطبْ نفسه بالزيادة المأخوذة منه، إذا علم أنه قد شرع من الحق وأسقط عنه ما كان بإزائه من فضل الأنوثة في الفريضة الواجبة عليه.

وأما الساعي: فليعلم أن سنن الذكورة مقبول من رب المال في هذا النوع، وهو أمر نادر خارج عن العرف في باب الصدقات لا يتكرر تكرار البيان والزيادة، وفيه مع الغرابة والندور وليتقرر أمره في النفوس انتهى كلام الخطابي.


(١) [البقرة: ١٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>