للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو منعوه ليؤخذ عشره أضر بهم، ولو ترك خرصه منع (١) حق أهل السهمان فيه بأنه يؤخذ ولا يحصى خرصه -والله أعلم- وخلى بينهم ويينه بالرفق بهم والاحتياط لأهل السهمان.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود خيبر -حين افتتح خيبر-: "أقركم ما أقركم الله على أن الثمر بيننا وبينكم" قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليه، ثم يقول: إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه.

هذا الحديث صحيح وكذا رواه مالك (٢) مرسلاً، إلا أنه قال: فيخرص يينه وبينهم.

وأخرج البخاري (٣) هذا المعنى في جملة حديث طويل من رواية عبيد الله بن عمرو، عن نافع، عن ابن عمر. قوله: "أقركم ما أقركم الله " يعني أنه يمكنهم من القرار والمقام ببلدهم مهما لم ينزل في إجلائهم وحي، أو يكون قد قدر الله انتزاحهم عن أوطانهم، وفي هذا إشارة إلى ما وفق له عمر بن الخطاب أيام خلافته، من إجلائه إياهم إلى أرض الشام، وبهذا الحديث أخذ عمر في إجلائهم.

وقوله: "إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي" هو تخيير لهم من الخارص لأنه يكون قد عدل في الخرص، وأنه على ثقة من فعله، وأنه لم يحف في خرصه وبذل فيه وسعه وما أدى إليه اجتهاده، فإنه إذا خيرهم، ما يتطرق إليه تهمة،


(١) في "الأم" و"المعرفة": "ضيع".
(٢) "الموطأ" (٢/ ٧٠٣) رقم (١).
(٣) البخاري (٢٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>