للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار قال: سمعت رجلاً يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي أفيه الزكاة؟ قال جابر: لا. فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير.

قوله: "أفيه الزكاة" معناه أيجب فيه إخراج الزكاة.

وقوله: "كثير" مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: ذلك كثير أو هذا كثير، والمراد به: أن الحلي إذا بلغ هذا المقدار، فقد كثر وتموج عن حد ما جرت به العادة من الحلي، فكأنه لكثرته وقف في نفي الزكاة عنه، وجعل الكثرة مؤثرة في القول بإسقاط زكاتها، لأنه يصير كالمال المكنوز الذي لا ينفق منه، بسبب صياغته وإرصاده للزينة.

وإن من أسقط زكاة الحلي؛ فإنما أسقطها لقلتها في جاري العادة، ولحاجة النساء إليهن للتزين لبعولتهن، ولأنها ليست أموالًا مرصدة للتجارة، فيحصل من كسبها ما يحصل في الزكاة الخارجة منها.

فأما إذا صارت بهذا المقدار، وبلغت هذه الرتبة من الكثرة، فكأنما جعلها صاحبها طريقًا إلى إسقاط زكاتها، بادخارها واصطناعها حليا ووسيلة إلى ذلك، على أن من قال: بإسقاط زكاة الحلي، لم يفرق بين كثيره وقليله حملا على أصل الباب، ويدل على ذلك ما رواه هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر "أنها كانت [تحلي] (١) بناتها الذهب، ولا تزكيه نحو من خمسين ألف" والله أعلم.


(١) في الأصل [على] وهو تصحيف والتصويب من "المعرفة" (٦/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>