للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي (١) في قول الله -تعالى-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (٢): بين أن كل مالك تام الملك من حُرٍّ له مال فيه زكاة، سواء كان بالغًا أو صبيًا صحيحًا أو معتوهًا، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" الحديث، فدل على أنه إذا كان واحد منها لحر مسلم، ففيه الصدقة في المال نفسه لا في المالك.

وقال: لو لم يكن لنا حجة إلا أن أصل مذهبنا ومذهبك، أن لا نخالف الواحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يخالفه غيره منهم كانت بهذا لنا حجة عليك، فأنتم تروون عن علي بن أبي طالب أنه ولى بني أبي رافع أيتامًا فكان يؤدي الزكاة عن أموالهم، ونحن نرويه عنه، وعن عمر بن الخطاب، وعائشة وابن عمر وغير هؤلاء، مع أن أكثر التابعين قبلنا يقولون به.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه قال: "كانت عائشة -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- تليني [أنا] (٣) وأخوين لي يتيمين في حجرها؛ فكانت تخرج من أموالنا الزكاة".

هكذا أخرجه في كتاب الزكاة (٤)، وعاد أخرجه في موضع آخر من المسند بهذا الإسناد قال: "كانت تليني وأخا لي في حجرها يتيمين".

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن أيوب بن موسى ويحيى بن سعيد وعبد الكريم بن أبي الخارق، وكلهم يخبره عن القاسم بن محمد قال: "كانت عائشة تزكي أموالنا، وإنه ليتجر بها في البحرين".

هذا حديث صحيح قد أخرجه مالك في الموطأ (٥) بالإسناد وذكر الرواية


(١) "الأم" (٢/ ٢٧ - ٢٨)، وانظر أيضًا "المعرفة" (٦/ ٦٧ - ٦٨).
(٢) [التوبة: ١٠٣].
(٣) من "الأم" (٢/ ٢٨)، و"مطبوعة المسند" (١) رقم (٦١٦).
(٤) "الأم" (٢/ ٢٨).
(٥) "الموطأ" (١/ ٢١٥) رقم (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>