وليس الأمر كذلك في الرواية الأولى لأنه عطف استدعائه بالفاء، وذلك لأنه جاء به عقيب قوله: فقيل له: إن ناسًا صاموا حين صمت، فدعا بإناء. فكان استدعاؤه الإناء عقيب قولهم.
وقوله:"من ماء" هذه "من" هي لتبيين الجنس إلا أن قوله: "بقدح من ماء" فيه اتساع ومجاز لأن القدح ليس من الماء، وإنما تقديره: بقدح فيه شيء من ماء، فحذف ذلك لدلالة الحال والخطاب عليه.
والذي ذهب إليه الشافعي: جواز الأكل والشرب والجماع في السفر الطويل. وقد تقدم في كتاب الصلاة مقداره وهذا لا خلاف فيه، إلا أن أحمد قال: لا يجوز له الإفطار بالجماع فإن جامع وجبت عليه الكفارة.
فإن صام في السفر جاز، وبه قال عامة الفقهاء.
وقال قوم من أصحاب الظاهر: لا يجوز الصوم في السفر ولا يصح.
ثم الصوم في السفر أفضل، وبه قال أبو حنيفة، والثوري، ومالك، والنخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو ثور. وقال ابن المسيب، والشعبي، والأوزاعي، وإسحاق: الفطر أفضل.
وقيل: إن أفضلهما أيسرهما على الإنسان. وبه قال عمر بن عبد العزيز، وقتادة، واختاره ابن المنذر.
وفي هذا الحديث من الفقه:
جواز الصوم في السفر وجواز الإفطار، والأمر بالإفطار والانفراد بالصوم ونقض الصوم بعد النية وبعد انقضاء بعض النهار، وفضل الإفطار على الصوم.
وفي قوله:"بعد العصر"، دليل على جواز الفطر بعد الزوال وينبني عليه: أن المقيم إذا نوى الصوم قبل الفجر ثم سافر بعد الفجر، فإن الشافعي قال: لا يفطر. وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي، وأبو ثور، وهو قول النخعي،