للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله! الحج في كل سنة أو مرة واحدة؟ فقال: "بل مرة واحدة فمن زاد فتطوعٌ".

وكذلك رواه سليمان بن كثير ومحمد بن أبي حفصة، عن الزهري.

وقال الشافعي (١): قال الله -عز وجل-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٢). والاستطاعة في دلالة السنة والإجماع ثلاث: أن يكون الرجل يقدر على مركب وزاد يبلغه ذاهبًا وجائيًا وهو يقوى على المركب، ليس بزَمِن لا يثبت على مركب، ولا حائل بينه وبين ذلك. وإذا اجتمع هذا له فهو مستطيع، وأي هذا لم يكن فليس بمستطيع، وإن كان دونه حائل فليس بمستطيع وإن كان غير واجد للمال وهو قوي البدن فليس بمستطيع؛ وعليه الاستطاعة الثانية أن يكون له مال فيستأجر من يحج عنه، أو يكون له من إذا أمره أن يحج عنه [أطاعه] (٣).

وقال الشافعي (٤): قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٥) فاختلف الناس في العمرة: فقال بعض المشرقيين: العمرة تطوع، وقاله سعيد بن سالم واحتج بأن سفيان الثوري أخبره عن معاوية بن إسحاق، عن أبي صالح الحنفي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحج جهاد، والعمرة تطوع" (٦).

قال الشافعي: فقلت له: أتثبت مثل هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هو منقطع، ثم ساق الكلام إلى أن قال: والذي هو أشبه بظاهر القرءان وأولى بأهل العلم عندي، وأسأل الله التوفيق -أن تكون العمرة واجبة بأن الله تعالى قرنها


(١) ولفظه نقله من المعرفة (٧/ ١٢)، وفي الأم (٢/ ١١٣) قال: الاستطاعة وجهان. ولم يذكر في المعرفة الوجه الثالث.
(٢) آل عمران: [٩٧].
(٣) في الأصل [الجماعة] وهو تصحيف والمثبت من المعرفة وكذا بنحوه في الأم.
(٤) الأم (٢/ ١٣٢).
(٥) البقرة: [١٩٦].
(٦) قال الألباني -رحمه الله- في الضعيفة (١/ ٣٥٩): هذا سند ضعيف لإرساله، وسعيد بن سالم فيه ضعف. وراجع المزيد من التخريج والأقوال لهذا الحديث في الضعيفة برقم (٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>