للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الحج، فقال: {وأَتُّمِوا الحَجَّ والْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (١)، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر قبل أن يحج، وأن رسول الله سَنَّ إحرامها والخروج منها بطواف وسعي وحلاق وميقات وفي الحج زيادة على عمل العمرة، فظاهر القرءان أولى إذا لم يكن دلالة أنه باطن دون ظاهر ومع ذلك قول ابن عباس وغيره.

قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس عن ابن عباس أنه قال: والذي نفسي بيده، إنها لقرينتها في كتاب الله {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (١) قال الله -عز وجل-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قرآن العمرة مع الحج هدْياً، ولو كان أصل العمرة تطوعًا أشبه أن لا يكون لأحد أن يقرن العمرة مع الحج, لأن أحدا لا يدْخِل في نافلة فرضًا حتى يخرج من أحدهما قبل الدخول في الآخر، وقد يدخل في أربع ركعات وأكثر نافلة، قيل يفصل بينهما بسلام وليس ذلك في مكتوبة ونافلة من الصلاة، وأشبه أن لا يلزمه بالتمتع والقران هدي إذا كان أصل العمرة تطوعًا بكل حال، لأن حكم ما لا يكون إلا تطوعًا بحال غير حكم ما يكون فرضًا في حال.

قال الشافعي (رضي الله عنه): وأخبرنا مسلم، عن ابن جريج، عن عبد الله ابن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم: "أن العمرة هي الحج الأصغر"، قال ابن جريج ولم يحدثني عبد الله بن أبي بكر عن كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم شيئًا، إلا قلت له: أفي شك أنتم أنه في كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا.

وبسط القول في هذا وأمثاله فلم نطل بذكره.

وهذا الحديث الذي ذكره الشافعي عن سعيد بن سالم وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحج جهاد والعمرة تطوع" مع أنه منقطع غير ثابت فله محمل، فإن قوله: "الحج جهاد" يريد أنه شاق على الأنفس كالجهاد لما فيه من تكلف السفر البعيد،


(١) البقرة: [١٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>