للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فاحجج بها" يريد أحجَّها، وهذا مثل قولك: أذهبته وذهبت به، فالباء للتسبب أيضًا أي: صِرْ حاجًّا بسببها، ويجوز أن تكون بمعنى "مع" والأول أولى.

هذا الحديثان ذكرهما الشافعي في كتاب اختلاف الحديث (١) وذكر قبلهما حديثين مرفوعين:-

أحدهما: عن أبي هريرة، والآخر: عن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" وقد ذكرناهما في كتاب الصلاة.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن المرأة لا تسافر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها، أو تكون مع نساء ثقات ولو امرأة واحدة ثقة.

قال بعض أصحابه: إذا كان الطريق آمنا جاز الخروج لها. وقد اختاره القاضي أبو الطيب.

وقال بعض الأصحاب: إن الكرابيسي حكى هذا عن الشافعي وبه قال الأوزاعي.

وقال مالك: إذا كانت صحبة مأمونة جاز لها الخروج.

وقال بعض [] (٢) أبو حنيفة وأحمد: لا يجوز لها الخروج إلا بمحرم. وبه قال الحسن البصري وهو العمل بظاهر الحديث.

قال الشافعي: قال الله -جل ثناؤه- {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٣).

ورُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن السبيل الزاد والراحلة" فإذا كانت المرأة ممن تجد مركبًا وزادًا وتطيق السفر للحج، فهي ممن يجب عليه فرض الحج فلا يحل أن تُمنع فريضة الحج، كما لا تُمنع فريضة الصلاة والصيام وغيرهما من الفرائض.


(١) اختلاف الحديث (صـ٥١٣) مع الأم.
(٢) بياض بالأصل قدر كلمة ويبدو لي أن كلمة [بعض] مقحمة والصواب حذفها.
(٣) آل عمران: [٩٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>