للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولا أحسبه إلا كما قال طاوس، لأن تلك الأحاديث التي رواها عن جابر وعطاء، لم تثبت عنده ثبوتًا يركن إليه حتى يعول عليها.

ومعنى "وقت" أي جعله له ميقاتًا وهو فعال من الوقت.

ثم قال الشافعي: وأخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء أنه قال: "لم يوقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المشرق شيئًا، فاتخذ الناس بحيال قرن ذات عرق".

فذكر هذا الأثر أيضًا من حديث أبي الشعثاء جابر بن زيد مسندًا كما ذكره طاوس.

ومعنى قوله في الحديثين: "فوقت الناس ذات عرق، واتخذ الناس بحيال قرن" هو إشارة إلى ما جاء في الحديث الصحيح، الذي أخرجه البخاري (١) عن ابن عمر قال: "لما فتح هذان المصران أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حد لأهل نجد قرنًا وهو جور عن طريقنا، فإنا إن أردنا أن نأتي قرنا شق علينا، قال: فانظروا [حذوها] (٢) من طريقكم. فحد لهم ذات عرق.

لأجل هذا الحديث الصحيح قال الشافعي: ولا أحسبه إلا كما قال طاوس، ومال إلى أن ذات عرق ثابت بالاجتهاد.

وحيال الشيء: ما يحاذيه.

والمصران: هما الكوفة والبصرة.

وقد أخرج الشافعي: عن الثقة، عن أيوب، عن ابن سيرين: أن عمر بن الخطاب وقت ذات عرق لأهل الشرق.

قال الشافعي: وهذا عن عمر مرسل، وذات عرق شبيه بعرق في القرب وألملم، فإن أحرم أهل المشرق رجوت أن يجزئهم قياسًا على قرن وألملم، ولو


(١) البخاري (١٥٣١).
(٢) في الأصل: [وحدات] والمثبت من رواية البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>