عرق لأهل المشرق، لأن ابن جريج راجع فيه عطاء وناظره عليه، وأن عطاء لما راجعه ابن جريج لم يرجع عن توقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات عرق لأهل المشرق.
وهو إن كان لم يَعْزُه إلى أحد من الصحابة دون النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي أنه لم يسنده، وأنه مع ذلك لم يرجع عن صحة توقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه، فهذا مما يوضح صحته.
وقوله:"ومن سلك نجدًا من أهل اليمن" يريد أن من اجتاز على الميقات وجب عليه أن يحرم منه، سواء كان من أهل القطر أو غيره وقد تقدم ذلك.
وأما قول ابن جريج:"أنه لم يكن يومئذ أهل مشرق ولا عراق" صحيح، ولكن إنما وقته رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لعلمه أن الإِسلام يفشوا ويكثر حتى يصل إلى العراق ويصير له أهل مشرق فبين الحكم في المستقبل قال صاحب الشامل: إذا ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولى بالتقديم، وإليه ذهب أحمد وأصحاب أبي حنيفة.
ولأجل قول عطاء:"وقت ذات عرق أو العقيق" استحب الشافعي أن يحرم العراقي وأهل المشرق من العقيق، لأنه أبعد عن مكة من ذات عرق فيكون أحوط في العبادة، وكان مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي يرون الإحرام من ذات عرق.
وعزوت الحديث أعزوه إلى فلان: إذا نسبته إليه ورويته عنه، وكذلك عزيته أعزيه لغة فيه.
وأخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه قال:"لم يوقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات عرق، ولم يكن حينئذ أهل مشرق، فوقت الناس ذات عرق".
قال الشافعي: ولا أحسبه إلا كما قال طاوس. والله أعلم.
هذا الأثر ذكره الشافعي في إنكار توقيت ذات عرق بنص النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم