للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأقوال فيها نظر: فإن الشافعي قد روى في هذا الحديث "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقّت ذات عرق لأهل العراق"، والحديث قد أخرجه مسلم في صحيحه، ثم الشافعي قد ذكر بعد هذا الحديث حديثين عن عطاء يتضمن ذلك، ثم قد روى فيه أحاديث، عن عائشة وابن عباس، والحارث بن عمرو السهمي، وأخرج هذه الأحاديث أبو داود في "السنن"، وفي حديث ابن عباس أنه وقت لأهل المشرق العقيق، والعقيق أبعد من ذات عرق (١).

أخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا سعيد بن سالم، أخبرني ابن جريج، أخبرني عطاء: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل المغرب الجحفة، ولأهل المشرق ذات عرق، ولأهل نجد قرن، ومن سلك نجدًا من أهل اليمن وغيرهم قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم".

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مسلم وسعيد [عن] (٢) ابن جريج فراجعت عطاء فقلت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر لم يوقّت ذات عرق، ولم يكن أهل المشرق حينئذ، قال: كذلك سمعنا أنه وقّت ذات عرق -أو العقيق- لأهل المشرق، قال: ولم يكن يومئذ عراق ولكن لأهل المشرق، ولم يَعْزُه لأحد من الصحابة دون النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه يأبى إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقّته.

هذا الحديث، وإن كان مرسلاً، إلا أنه واضحٌ في البيان عن توقيت ذات


(١) قال الحافظ في الفتح (٣/ ٤٥٦):
قال في الأم: لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حد ذات عرق وإنما أجمع عليه الناس، وهذا كله يدل على أن ميقات ذات عرق ليس منصوصًا، وبه قطع الغزالي والرافعي في شرح المسند والنووي في شرح مسلم وكذا وقع في المدونة لمالك، وصحّح الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والرافعي في الشرح الصغير والنووي في شرح المهذب أنه منصوص، وقد وقع ذلك في حديث جابر عند مسلم إلا أنه مشكوك في رفعه -ثم ذكر طرقه وشواهده- وقال: وهذا يدل على أن للحديث أصلاً.
فلعل من قال إنه غير منصوص لم يبلغه أو رأى ضعف الحديث باعتبار أن كل طريق لا يخلو عن مقال، ولهذا قال ابن خزيمة: رويت في ذات عرق أخبار لا يثبت شيء منها عند أهل الحديث وقال ابن المنذر: لم نجد في ذات عرق حديثًا ثابتًا.
(٢) سقط من الأصل والمثبت من مطبوعة المسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>