للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديث أقوى ما يقال في جواز الطيب قبل الإحرام بما له أثر، فإن الغالية قد ذكر أنه رآها فوق رأسه مثل الرب وذلك بقاء جرمها نفسه وهو محرم.

قال الشافعي: فخالفنا بعض أهل ناحيتنا في التطيب قبل الإحرام، وبعد الرمي والحلاق وقبل طواف الزيارة، فقال: لا يتطيب بما يبقى ريحه عليه، وكان الذي ذكرناه احتج به [في ذلك أن] (١) عمر بن الخطاب أمر معاوية وأحرم معه فوجد منه طيبًا، فأمره أن يغسل الطيب، وأنه قال: من رمى الجمرة وحلق فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب.

قال الشافعي: وسالم بن عبد الله أفقه وأحمد مذهبًا من قائل هذا القول، ثم قال: هذا الحديث، عن سالم.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد الله -وربما قال: عن أبيه، وربما لم يقله- قال عمر: "إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم، فقد حل لكم كل شيء حرم عليكم إلا النساء والطيب". قال سالم: وقالت عائشة: "أنا طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله بعد أن رمى الجمرة وقبل أن يزور". قال سالم: وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد الله "أن عمر بن الخطاب نهى عن الطيب قبل زيارة البيت وبعد الجمرة". قال سالم: فقالت عائشة: "طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي لإحرامه قبل أن يحرم، وحله قبل أن يطوف بالبيت" وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق.

قال الشافعي: ولم أعلم له مذهبًا -يعني لمن خالفه- في جواز الطيب قبل الإحرام، إلا أن يكون شُبِّه عليه بحديث يعلى بن أمية، في أن يغسل المحرم


(١) سقط من الأصل والمثبت من المعرفة (٧/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>