للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه سمع عائشة بنت سعد تقول: طيبت أبي عند إحرإمه بالمسك والذريرة.

الذريرة: ضرب من الطيب مجموع، وقال الأزهري: هو فتات من قصب الطيب يجاء به من بلاد الهند.

وفي هذا الحديث: زيادة تأكيد لجواز الطيب قبل الإحرام بما يبقى أثره بعد الإحرام، فإن المسك يبقى أثر لونه وريحه أكثر من غيره وكذلك الذريرة.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد بن سالم، عن حسن بن زيد، عن أبيه قال: رأيت ابن عباس محرمًا وإن على رأسه مثل الرُّبِّ من الغالية.

الرُّبّ: ماء العنب إذا عصر وأوقد تحته النار، ليذهب نصفه أو ثلثاه فنحى (١) ويمتنع من الفساد.

والغالية: أخلاط من مسك وعنبر وعود ودهن، وهي فاعلة من غلا الشيء يغلو فهو غال، والأنثى غالية، يقال: إن أول من سماها بذلك سليمان بن عبد الملك بن مروان، وذلك أنه سأل عن أخلاطها، فقيل له، فقال: إن هذه غالية، فسميت بذلك حتى صارت من الأسماء الغالية وان كانت في الأصل صفة، وهذا الحديث عن تسمية سليمان فيه نظر، فإن ابن عباس قبل سليمان بن عبد الملك، اللهم إلا أن يكون هذا الاسم أحدثه له سليمان واشتهرت به، وقد كان لها قبله اسم آخر فغلب اسمه عليها، ويكون الراوي لما حكى ما رأى على ابن عباس ذكر الاسم الذي اشتهرت به. والله أعلم.

واللام في قوله: "لمثل" لام تأكيد دخلت على اسم "إن" لما كان متأخرا عن الخبر فإنها لا تدخل عليه إلا إذا تأخر، فلا يقال: إن لزيدًا في الدار، ولكن إنَّ في الدار لزيدًا.


(١) قال في اللسان مادة ربب:
النحي إذا أصلح بالرب طابت رائحته، ومنع السمن من غير أن يفسد طعمه أو ريحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>