للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج في يده من الشعر شيء فالاختيار أن يفديه، ولا يجب عليه حتى يستيقن أنه قطعه أو نتفه، لأنه قد ينتف ويتعلق بين الشعر، فإذا مس أو حرك خرج وسقط، قال: وذلك هكذا في لحيته.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، أخبرني عطاء أن صفوان بن يعلى أخبره عن أبيه يعلى بن أمية قال: "بينما عمر بن الخطاب يغتسل إلى بعيره وأنا أستر عليه بثوب، إذ قال عمر بن الخطاب: يا يعلى، اصبب على رأسي. فقلت: أمير المؤمنين أعلم، فقال عمر بن الخطاب: والله ما يزيد الماء الشعر إلا شعثًا فسمى الله، ثم أفاض على رأسه".

هذا حديث صحيح أخرجه مالك (١): عن حميد بن قيس، عن عطاء: "أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن منية -وهو يصب على عمر بن الخطاب وهو يغتسل-: "اصبب على رأسي، فقال له يعلى: أتريد أن تجعلها فيّ؟ إن أمرتني صببت، فقال له عمر بن الخطاب: اصبب فلن يزيد الماء إلا شعثا".

وقد أخرج الشافعي هذه الرواية أيضًا في القديم (٢)، عن مالك، عن حميد.

وأخرجه أيضًا: عن مسلم بن خالد وغيره، عن ابن جريج.

قوله: "اصبب على رأسي" يحتمل أن يكون أمرًا، وأن يكون استفهامًا، فأما يحيى بن يحيى الغساني فإنه رواها بالاستفهام وأما ابن وضاح فإنه رواه بالأمر، إلا أن رواية الشافعي الأظهر فيها أن يكون استفهامًا، لأنه قال يعلى في الجواب: أمير المؤمنين أعلم، ولو كان أمرًا لم يقل له ذلك، أو يجوز أن يكون قال له هذا القول على سبيل الاستظهار، وإقامة عذر نفسه عنده، فإنه لما استغرب أمره إياه بالصب عليه وحصل في نفسه منه شيء، قال له: أمير المؤمنين أعلم.


(١) الموطأ (١/ ٢٦٥ رقم ٥).
(٢) المعرفة (٧/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>