للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الترمذي (١): فأخرجه عن إسحاق بن منصور، عن وهب بن جرير، عن أبي فزارة، عن يزيد، عن ميمونة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال وبنى بها حلالاً، وماتت بسرف ودفناها في الظلة التي بني بها فيها".

وقد روى هذا الحديث الحميدي عن سفيان وزاد فيه قال: نكح ميمونة وهو حلال -وهي خالته- قال: فقلت لابن شهاب: أتجعل أعرابيًّا بوالًا على عقبيه إلى ابن عباس؟! وهي خالة ابن عباس أيضًا.

وقد ذكره الشافعي في رواية المزني عنه (٢).

الحلال: ضد الحرام ولا يرد به من ليس بحرم.

وقوله: "أتجعل يزيد بن الأصم إلى ابن عباس" يريد: أن ابن عباس روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم، وقد تعاضدت الروايات على تخريج حديث ابن عباس وهو حديث صحيح.

معنى أتجعل يزيد بن الأصم إلى ابن عباس أي: أتقيس ذا إلى ذا كأنه إنكار لأن يعارض حديث ابن عباس مع تقدمه في العلم واشتهاره في الصحابة والرواية بحديث يزيد بن الأصم مع نزوله عن مرتبة ابن عباس، فقال عمرو بن دينار هذا القول للزهري كالمنكر له، ويعضد ذلك ما جاء في الرواية "أتجعل أعرابيًّا بوالًا على عقبيه" وهذا الذي ذكره عمرو بن دينار لا يوجب طعنًا في رواية يزيد بن الأصم، فإنه لو كان ضعفًا أو مطعونا فيه لما احتج ابن شهاب به، وإذا قصد عمرو بما قال ترجيح حديث ابن عباس على حديث يزيد، فالتزويج يقع بما قال، لو كان يزيد روى الحديث مرسلًا كما رواه ابن عباس مرسلاً، لأن ابن عباس روى الحديث ولم يشهد وقت زواج ميمونة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها في عمرة القضاء وابن عباس لم يشهد عمرة القضاء، ويزيد وإن كان لم يشهد عمرة القضاء فإنما روى حديثه مرة مرسلاً؛ ومرة مسندًا عن خالته ميمونة وهي أخبر


(١) الترمذي (٨٤٥). وقال: هذا حديث غريب.
(٢) السنن المأثورة (٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>