للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عثمان. فهؤلاء ثلاثة من الخلفاء الراشدين على رد نكاح المحرم، ومعهم إمامان آخران ابن عمر وزيد بن ثابت، وذلك أولى أن يعمل به.

وقد رجح من لا يجيز نكاح المحرم: بأن النهي الذي ورد من النبي - صلى الله عليه وسلم - قول، والذي ذكر من حديث ميمونة فعل، والقول مقدم في الأخذ به على الفعل، لأنه يتعدى والفعل قد يكون مقصورًا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قد خص في النكاح وغيره بخصائص.

وقد روي حديث ميمونة أيضًا أنه تزوجها وهو حلال، وهذا مما يقوي تقديم القول على الفعل، لأن القول أولى بأن يقدم على فعل مختلف فيه، ويصح بناء الروايتين على القول، فيقال: من روى أنه تزوجها وهو حلال فهو الأصل، ومن روى أنه تزوجها وهو محرم فإنما يريد أنه في الحرم لا أنه متلبس بالإحرام، لأنه يقال لمن دخل الحرم: محرم، وإن لم يكن قد عقد الإحرام ونواه، فيمكن الجمع بين الروايتين بهذا التأويل ولا يتناقضان. والله أعلم.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع -مولاه- ورجلًا من الأنصار، فزوجاه ميمونة والنبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة".

وأخبرنا بهذا الإسناد مثله وزاد فيه: فقالت ميمونة بنت الحارث قال: وهو بالمدينة لم يخرج.

هكذا أخرجه في كتاب نكاح الشغار.

هذا الحديث هكذا جاء في الموطأ مرسلًا (١)، وقد أخرجه الترمذي (٢) مسندًا عن قتيبة، عن حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع قال: "تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما, قال: ولا نعلمه أسنده أحد غير حماد عن مطر الوراق.


(١) الموطأ (١/ ٢٨٢ رقم ٦٩).
(٢) الترمذي (٨٤١) وقال: هذا حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>