قوله:"والنبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة" جملة في موضع الحال والعامل فيها أحد فعلين: إما "بعث"، وإما "زوجاه"، فإن كان "بعث" فيكون التقدير: بعثهما وهو بالمدينة، وقوله:"فزوجاه" جملة معطوفة على بعث ولا تعلق لها بالجملة الحالة.
وإن كان العامل "زوجاه" فيكون المعنى: زوجاه منها والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ بالمدينة. ولكلا التقديرين وجه.
والشافعي إنما استدل بهذا الحديث: على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال.
وإن جعلنا العامل "بعث" كان التقدير: بعثهما وهو بالمدينة وهو حلال؛ لأنه إنما يحرم من الميقات بعد خروجه من المدينة.
وإن جعلنا العامل "زوجاه": كان أظهر لأنه إذا زوجاه وهو بالمدينة فهو حلال لا شك فيه. والله أعلم.
وأخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا سعيد بن مسلمة، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن المسيب أنه قال:"وهل (١) فلان، ما نكح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة إلا وهو حلال".
وأخبرنا الشافعي بالإسناد قال: أوهم الذي روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة وهو محرم، ما نكحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وهو حلال.
وهل إلى الشيء -بفتح الهاء- يهل -بالكسر- وهلاً: إذا ذهب وهمه إليه وهو يريد غيره، مثل: وهمت -بالفتح- ووهل في الشيء وعنه -بالكسر.
وهذا فلان المكنى عنه هو: عبد الله بن عباس لأنه هو الذي روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو محرم.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن داود بن الحصين،