للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} (١) ومما يوضح تفسير الآية: أن التعمد هو أن يقتله وهو ذاكر لإحرامه، أو عالم أن ما يقتله حرام عليه قتله فإن قتله وهو ناس لإحرامه، أو رمى صيدًا وهو يظن أنه غير صيد فإذا هو صيد، أو قصد برميه غيره فعدل السهم فأصاب صيدًا فهو مخطئ، ومحظورات الحج يستوي فيه العمد والخطأ، وإنما ذكر التعمد لأن مورد الآية فيمن تعمد، كما فعل أبو اليسر فإنه روى أنهم بينا هم يسيرون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة الحديبية -بين مكة والمدينة-، عرض لهم حمار وحش فحمل عليه أبو اليسر فطعنه برمحه فقتله، فقيل له: قتلت الصيد وأنت حرم، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فنزلت هذه الآية، ولأن الأصل فعل والتعمد والخطأ لاحق به للتغليظ، ويدل عليه قوله: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} (١) [عفا الله عما سلف] (٢) ومن عاد فينتقم الله منه".

وقيل: نزل الكتاب بالتعمد ووردت السنة بالخطأ.

قال الشافعي: وإيجابه على قاتل الصيد عمدًا لا يخطر أن يوجب على قاتله خطأ، قياسًا على القرآن والسنة والإجماع، ثم ذكر إيجاب الله تعالى الكفارة في قتل النفس الممنوعة بالإِسلام أو العهد خطأ، فلما كان الصيد محرمًا كله في الإحرام، كان ذلك كله ممنوع من الصيد في الإحرام لا يتفرق، كما لم يتفرق المسلمون في الغرم الممنوع من الناس والأموال بين العمد والخطأ إلا المأثم في العمد.

وقال الشافعي: وقد قاله من قبلنا غيري، ثم ذكر هذا الحديث عن ابن جريج وعطاء وقد ذكرناه.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا مسلم وسعيد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار قال: رأيت الناس يغرمون في الخطأ.


(١) المائدة: [٩٥].
(٢) سقط من الأصل والصواب إثباته.

<<  <  ج: ص:  >  >>