للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نافع بن عبد الحارث قال: قدم عمر بن الخطاب مكة فدخل دار الندوة في يوم الجمعة وأراد أن يستقرب منها الرواح إلى المسجد، فألقى رداءه على واقف في البيت، فوقع عليه طير من هذا الحمام فأطاره، فانتهزته حية فقتلته، فلما صلى الجمعة دخلت عليه أنا وعثمان بن عفان، فقال احكما: عليَّ في شيء صنعته اليوم، إنى دخلت هذه الدار فوقع عليه طير من هذا الحمام، فخشيت أن يلطخه بسلحه فأطرته عنه، فوقع على هذا الواقف الآخر فانتهزته حية فقتلته، فوجدت في نفسي أن أطرته -وفي نسخة: أطردته- من منزل كان فيه حتفه، فقلت لعثمان كيف ترى في عنز ثنية عفراء نحكم بها على أمير المؤمنين؟ فقال: إني أرى ذلك، فأمر بها عمر بن الخطاب.

مساق هذا الحديث: البيان حكم الواجب في جزاء الطير، وفيه: بيان حكم الجزاء إذا لم يكن فيه نص لا بد من حكم عدلين، لقول الله -تعالى-: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١).

وفيه: بيان أن من كان سببًا في إتلاف الصيد وهو غير مباشر ولا قاصد ما عليه.

ودار الندوة: كانت قديمًا في الجاهلية، وكانت مجتمعًا القرين يتشاورون فيها ويجتمعون بها، وأصل الكلمة: من الندى والنادي والمنتدى والندوة، فإن تفرق القوم فليس ندى، ومن ذلك سميت دار الندوة، وكان بناها قصي بن كلاب لأنهم كانوا يندون بها أي يجتمعون فيها للرأي والمشورة.

والاستقراب: استفعال من القرب وكانت دار الندوة ملاصقة الحرم، ومنه باب الندوة وهو اليوم أحد أبواب الحرم، فإن دار الندوة إذًا دخلت في الحرم وهي معروفة إلى الآن.


(١) المائدة: [٩٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>