وأما بيان ما حكمت فيه الصحابة والتابعون وما لم تحكم فيه، فإن الشافعي قال: يجب اتباعهم فيما حكمت فيه، ولا يجوز الاجتهاد في مثله وتيقن ما حكموا به.
وقال مالك: يجب التحكيم فيما حكمت وما لم تحكم، وأما إذا لم يحكموا فيه: يجتهد فيه ذوا عدل من المسلمين، يلحقانه بما هو أقرب إليه من النعم.
قال الشافعي: وأحب أن يكونا فقيهين.
وأما بيان من كان سببًا إلى إتلاف الصيد بزيادة، فإن الأسباب الموجبة للضمان لا تخفى، ويختص الصيد بزيادة في الأسباب، كما لو نفر صيدًا فمضى وسقط في نُفُورِه ضمن، وإن مات بآفة سماوية وقت النفور فوجهان، وكما لو أرسل كلبًا فاصطاد ضمن ما اصطاد، وينزل هذا الحديث منزلة من نفَّر الصيد بعرض له لا من المفر، لأن الحية لا تعلق المنفر بها وإنما كان سببًا بتنفيره من مكان إلى مكان.
وقال صاحب الشامل: يجب عليه الضمان قولًا واحدًا.
وقد أخرج الشافعي: عن سعيد، عن ابن جريج قال: قال مجاهد: أمر عمر ابن الخطاب بحمامة فأطرت، فوقف بالمروة وأخذتها حية، فجعل فيها شاة.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء أن عثمان بن عبيد بن حميد قتل ابن له حمامة، فجاء إلى ابن عباس فقال ذلك، فقال ابن عباس: يذبح شاة فيتصدق بها. قال ابن جريج: فقلت لعطاء: من حمام مكة؟ قال: نعم.
هذا الحديث مسوق لبيان جزاء حمام مكة، وأن حكمه حكم جزاء حمام غير مكة على المحرم، وهو ما ذهب إليه الشافعي لأنه قال: فقلت: أمن حمام مكة؟ قال: نعم، فصرح بأنه من حمام مكة.