وقوله:"من بين راكب وراجل" يريد أن. يمد بصره كان ممتلئًا ركبانًا ورجالة، فجاء به بلفظ الواحد لأن العين لا تدرك الأشياء واحدا ثم ينتقل نظرها إلى ما يجاوز ذلك الواحد، فكأن بصره أول ما أدرك راكبًا أو راجلاً، ثم تعدى إلى جميع الركبان والرجالة.
وقوله:"أن يقول كما يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" يريد به نية الحج والتلبية والأذكار التي يقولها في أعمال الحج جميعها.
وقوله:"لا ينوي إلا الحج" جملة منصوبة على الحال وهي متعلقة بقوله: "خرجنا لا ننوي إلا الحج".
والمروة: أحد أمدي المسعى، وهي في الأصل: حجر أبيض براق يقدح منه النار، والجمع: مرو.
ومعنى قوله:"فليحلل وليجعلها عمرة" أنهم كانوا قد أحرموا بالحج فلما وصلوا إلى مكة وطافوا وسعوا بقي عليهم من أعمال الحج: الوقوف والرمي، والحلق وغير ذلك من باقي أعماله، فأمرهم أن ينقضوا فيه الحج ويجعلوا بدله عمرة ويحلوا، لأن العمرة تنقضي بالطواف والسعي والحلق أو التقصير.
وقوله:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اهديت"(١) يعني أن سنة من أهدى ونوى الحج أن لا يحل من حجه، ولا يجوز له فسخه وجعله عمرة حتى ينحر هديه يوم النحر، ومعناه: أني لو عنَّ لي لما اهديت، أي لما جعلت علي هديًا، فإن من لم يكن معه هدي لم يلتزم ذلك، وجاز له فسخ الحج.
قال إمام الحرمين: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا محمول على أني سقت الهدي لاتطوع به، وهو الهدي في إطلاق الشرع، فلو تمتع صار ما ساقه كفارة وخرج عن كونه تطوعًا، فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبطل قصده في التطوع، وإنما أراد النبي