للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - بهذا القول لأصحابه تطييبًا لقلوبهم، لأنهم كان يشق عليهم أن يحلوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرم، فإنهم لا يرغبون بأنفسهم عن نفسه، ولا يتركون الاقتداء به، فقال لهم ذلك تأنيسا وإعلامًا أن الأفضل ما أمرهم به ودعاهم إليه، وبهذا يستدل أن من قال أن التمتع أفضل من الإفراد والقران، وقيل: بل كان قوله هذا مع تطييب قلوبهم دلالة على الجواز لا الفضيلة، فإنه لولا الهدي لفعله.

وقد اختلف الأئمة: في أمره لهم بالإحلال، فقيل: كان أمرًا مبهمًا موقوفًا على انتظار الوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يحرم، فنزل الوحي أن يجعلوها عمرة ثم يحرموا بالحج.

وقيل: بل كانوا محرمين بالحج مفردًا فأمرهم بفسخه إلى العمرة. ثم اختلفوا فقالت طائفة: إن هذا الفسخ كان خاصًا لهم.

وقالت طائفة: بل الفسخ للناس كافة.

وقد روى فسخ الحج: ابن عباس، وجابر، وعائشة وغيرهم.

وقيل: إن الفسخ إنما وقع لأن العرب كانوا يحرِّمون العمرة في أشهر الحج، فأمرهم بذلك صرفًا لهم عن سنة الجاهلية.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن من أحرم بالحج لا يجوز له فسخه إلى العمرة.

وبه قال عامة الفقهاء.

وقال أحمد: يجوز له ذلك وإن لم يسق الهدي.

وأن من أهل بالعمرة فله أن يدخل عليها الحج قبل أن يفسخ الطواف، ولا يجوز بعده إلا أن يتحلل منها بعد إتمام عملها ثم يحرم بالحج.

فأما إدخال العمرة على الحج فلا يجوز على أصح القولين، وبه قال مالك.

وقال أبو حنيفة: يجوز ويكون قارنًا.

ولا خلاف بين العلماء أن الإفراد، والقران، والتمتع معمول بها ثلاثتها، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>