للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي بكر. الحديث نحوه.

قوله: "أو من معي" بالشك بخلاف قوله: "ومن معي" بغير شك، فإنه مع عدم الشك يكون قد أمره أن يأمر أصحابه ومن معه، ويدل ذلك على أن أصحابه ليسوا كل من صحبه أي صحبة كانت، لأن الذين معه قد صحبوه بالجملة بكونهم معه، ومع ذلك فقال: أصحابي ومن معي فعطفهم على أصحابه، وذلك على أن اسم الصحابي لا يطلق إلا على من هو معروف بصحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، دون من سمعه ورافقه وكان معه وقتًا ما, ولأنه لو قال: "أمرني أن آمر أصحابي" واقتصر على هذا ربما يظن الناس كافة أن الأمر لهؤلاء الذين صحبوه وعرفوا به، دون من كان قد حج معه ممن لم يكن صحبه، فقال: "أو من معي" ليشمل الجميع ويزول هذا الظن. والله أعلم.

وأما قوله: "أو من معي" بالشك فالظاهر أنه شك من أحد الرواة، على أن أنه جائز أن يكون من النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن الشك في مثل هذا جائز إذ هو نوع من النسيان ولا يعصم منه البشر، ويكون هذا الشك في اللفظ ولا يفيد اختلافًا في المعنى كما أفادت الواو، لأن قوله: "أن آمر أصحابي" يطلق في أصل الوضع على كل من صحبه وقتًا.

وقوله: "أن آمر من معي" يفيد ذلك المفاد أيضًا ولا تناقض بينهما فإن من معه هم أصحابه.

وإن كان الشك من أحد الرواة: فالمعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أحد اللفظين وكل منهما ساد مسد الآخر، ثم إن فرقنا بين القولين وميزنا بين مدلول اللفظين، وقلنا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أمرني أن آمر أصحابي: فتخصيصه الصحابة بالأمر لمزية فضيلة فيهم دون غيرهم ممن معهم، وزيادة اهتمام بشأنهم على من سواهم، وإن قلنا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمرني أن آمر من معي" فتخصيصه الذين معه بالأمر دون الصحابة، لعلمه أن الصحابة عارفون بالسنة لطول

<<  <  ج: ص:  >  >>