للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملازمتهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، واطلاعهم على خفايا الشريعة، وأن الذين كانوا معه ممن لم يطلق عليه اسم الصحبة لقرب عهده بالإِسلام، أو بالهجرة، أو بالمجاورة وهم أخفى بتأكيد الوصية والتوقيف، والتعريف بالسنة، والاطلاع على أسرارها، والاعلام بأحكامها.

وقوله: "بالتلبية أو بالإهلال" يريد أحدهما، أو التلبية فهي قوله: لبيك اللهم لبيك.

وأما الإهلال: فهو إظهار الصوت بهذا الذكر.

والتلبية في هذا المقام أولى من الإهلال، لأن التلبية تكون مخصوصة (١) ومرفوعة، والإهلال لا يكون إلا مرفوعًا، وإذا قلنا: أنه قال بالإهلال، فلأن الإهلال وإن كان رفع الصوت بالتلبية فإن ما من صوت إلا وفوقه ما هو أرفع منه وأظهر.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن رفع الصوت بالتلبية مستحب لإظهار شعار الإِسلام، وليسمعه الجاهل فيقتدي.

وقد قال في الأم: يرفع صوته جهده ما لم يبلغ به أن يقطع صوته.

وقال مالك: لا يرفع صوته إلا في المسجد الحرام ومسجد منى، ويكره أن يرفعه في غيرهما من المساجد.

وقد أخرج الشافعي قال: أخبرنا سعيد بن سالم ومسلم بن خالد، عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن [سابط] (٢) قال: كان سلفنا لا يدعون التلبية إلا عند أربع: عند انضمام الرفاق حين تنضم، وعند إشرافهم على الشيء وهبوطهم من بطون الأودية -أو عند هبوطهم من الشيء الذي يشرفون منه- وعند الصلاة إذا فرغوا منها.

قال الشافعي: وما روى ابن [سابط] (٢) موافق لما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) كتب في الأصل فوقها كلمة لم أتبينها.
(٢) في الأصل [سليط] والتصويب من الأم (٢/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>