وقال أبو حنيفة: لا يستلم الركن اليماني.
وروي عن جابر بن عبد الله، وابن الزبير، وأنس بن مالك، وعروة أنهم كانوا يستلمون الأركان كلها. وروي ذلك عن الحسن والحسين.
وروى ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يترك استلام الركنين الآخرين إلا لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم الخليل، فإن بعض الحجر من البيت.
قال الشافعي -في قول معاوية ليس شيء من البيت مهجورًا-:
أن من طاف بالبيت ما هجره فليس ترك الاستلام هجرًا، ألا ترى أن ما بين الركنين لا يستلم وليس ذلك هجران له.
قال الشافعي: الذي فعله ابن عباس أحب إليَّ، لأنه كان يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد رواه ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر يدل على أن منهما مهجورًا، فكيف يهجر ما يطاف به؟ ولو كان ترك استلامهما هجرانًا لهما، لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرانًا لها.
قال: والعلة في الركنين الآخرين فنرى أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم، فكان كسائر البيت إذا لم يكونا مستوظفًا لهما البيت، فإن مسحهما رجل كما مسح سائر البيت فحسن، إلا أني أحب أن يقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد أخرج المزني (١) عن الشافعي، عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن ابن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر: رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها، قال: ما هن يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال؛ ولم تهل أنت حتى يكون يوم التروية. فقال ابن عمر: أما الأركان فإني لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمس إلا اليمانين، وأما النعال السبتية: فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس
(١) السنن المأثورة (٥٠٣).