للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس غشوه" فحذف الناس أن وأثبتوها والمعنى سواء، وذلك أن قوله: "ليراه الناس" تعليل لركوبه، وقوله: "أن الناس غشوه" لقصد أن يراه الناس، كأن قائلًا قال: فِلمَ لم يره الناس؟ قال: لأن الناس غشوة، فإثبات الفاء يفيد الجمع بين العلة والمعلل فائدة للعطف، وحذفها يجعله تعليلًا مستأنفًا غير معطوف وهو أفصح اللفطن، وبيانه: أنه مع الفاء يكون قد ساق اللفظ غير منقطع إلى آخره، ومع حذفها يكون الكلام مقطوعًا عند قوله: "وليشرف لهم" إعتقادًا منه فهم السامع عند الإشراف، ثم لما سكت عاد مستدركًا لما توهمه من فهم السامع، فذكر العلة فكان رفعها في النفس أعظم، والتلبية لها والوقوف عليها أحسن، فإن العلة إذا جاءت بعد تطلبها ووقعت عند الحاجة إليها؛ تكون أحسن موقعًا وأجمل موضعًا.

ولو قال قائل: أن مفتوحة الهمزة على تقدير: لأن الناس غشوه، لكان وجهًا إلا أن إثبات الفاء يأبى ذلك.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أن المستحب لا يطوف إلا ماشيًا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر طوافه ماشيًا, ولأنه إذا طاف راكبًا ربما لوث المسجد وزحم الناس بمركوبه وآذاهم، فإن طاف راكبًا أجزأه ولا شيء عليه.

وقال مالك وأبو حنيفة: إن طاف راكبًا لعذر فلا شيء عليه، وإن لم يكن لعذر فعليه دم. وحكي عن أحمد نحو ذلك.

وأخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا سعيد، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن [ابن] (١) عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثله.

هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.


(١) سقط من الأصل والصواب إثباته كما سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>