للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه أن يُهجِّروا [بالإفاضة] (١)، وأفاض في نسائه ليلاً على راحلته يستلم الركن بمحجنه، أحسبه قال: ويقبل طرف المحجن.

التهجير: المبادرة إلى الأمر في أول وقته، والتهجير: السير وقت الهاجرة وهي شدة الحر.

والإفاضة: الدفع في كثرة ولا تكون إفاضة إلا مع كثرة، وهذه الإفاضة يريد بها: الإفاضة من شيء إلى مكة للطواف الواجب ويسمى هذا الطواف: طواف الإفاضة لذلك، ويسمى أيضًا: طواف الفرض لأنه الطواف الذي هو ركن من أركان الحج وما قبله وليس بفرض، وإنما سمي طواف الزيارة: لأن الحاج يجيء من منى إلى مكة يزور البيت ويطوف ويعود إلى منى يبيت بها.

ووقت هذا الطواف: من ليلة النحر وليس لآخره حد. وبه قال أحمد.

وقال أبو حنيفة: أول وقته من حين طلوع الفجر الثاني من يوم النحر؛ وآخره اليوم الثاني من أيام التشريق؛ فإن أخّره إلى اليوم الثالث وجب عليه دم.

وأما قوله: "أمر أصحاب بالتهجير بالإفاضة" إن قلنا: إنه أراد بالتهجير: المبادرة إلى أول وقته فيكون في ليلة النحر وليس كذلك فعلوا، لأنهم نزلوا بمنى ورموا فحلقوا ونحروا ثم أفاضوا.

وإن قلنا: إنه أراد وقت الهاجرة، فإنما يكون ذلك وقت الظهر والإفاضة من منى يوم النحر إنما تكون ضاحي النهار يوم النهار، وذلك وقت الفراغ من الرمي والحلق والنحر.

فيبقى أن نقول: أنه أراد بالتهجير: المبادرة إلى أول وقت الفضيلة وهو وقت الضحى من يوم النحر.

وإذا رجعنا إلى الحكمة من الغرض: فإنما يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأفضل والأولى؛ لا سيما وهو أسهل عليهم وأهون؛ لأنهم يقدمون مشقة الليل لو


(١) في الأصل [الإضافة] وهو تصحيف والتصويب من الأم (٢/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>