للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطواف، وعند الابتداء بكل شوط من أشواط الطواف.

وقوله: "يشتكي" يريد يتألم فلم يقدر على الطواف ماشيًا، وبهذا احتج من ذهب إلى أن الطائف إنما يطوف راكبًا لعذر، والذي جاء في رواية الشافعي أولى، لأن الطائف كلما طاف شوطًا واحدًا استلم مرة فالاستلام إنما يقع بعد الفراغ من الشوط، وبعد الفراغ من الطواف كله فاحتاج أن يعطفه بحرف ليجتمعا في المعنى، ويعضد ذلك أن روايات باقي الأئمة مثل رواية الشافعي، وأما رواية البخاري فإن يستلم في موضع الحال، أي طاف مستلمًا، فيكون الاستلام ممتزجًا بالطواف، ووجه ذلك: أن الأشواط يتلوا بعضها بعضًا لا يفصل بينها بغير الاستلام، فكأن الاستلام حالاً للطائف إلا أنها حال متجددة غير دائمة، لأن الاستلام تحدث شيئًا فشيئًا عند الفراغ من الأشواط. فالأول أشبه.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد، عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت وبالصفا والمروة راكبًا، فقلت: ولم؟ قال: لا أدري، قال: ثم نزل فصلى ركعتي".

هذا الحديث مسوق: لبيان ما سبق من جواز الطواف والسعي راكبًا، إلا أن هذا الحديث لم يعرف عطاء ركوبه لما سئل لِمَ ركب؟ فلذلك قال: لا أدري، لأنه لا ضرر عليه إذا ثبت له الحكم وجهل العلة؛ فإن الغرض إنما هو ثبوت الحكم: وهو جواز الركوب في الطواف والسعي.

قال الشافعي: أما سعيه الذي طافه لمقدمه فعلى قدميه، لأن جابرًا المحكي عنه فيه أنه رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعة، ولا يجوز أن يكون جابر يحكي عنه الطواف ماشيًا وراكبًا في سبع واحد، وقد حفظ أن سعيه الذي ركب فيه في طوافه يوم النحر، ثم ذكر الحديث التالي لهذا الحديث عن طاوس.

وأخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا ابن عيينة، عن ابن طاوس، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>