للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقول من الثاني: عَتَقَ -بالفتح- يَعْتِقُ -بالكسر- عتقًا فهو عتيق أي معتق.

وقوله في رواية البخاري: "اسمعوا مني ما أقول لكم" إلى قوله: "قال ابن عباس" يريد بهذا القول الثاني والتثبت فيما يقولونه له من السؤال؛ ما لاستفهام وما يقوله لهم من الجواب والفتيا، بحيث يجتمعون هو وإياهم في التحقيق بين السؤال والجواز، فإن الجواب إنما يكون بحسب السؤال، فربما سألوه عن شيء ولا يوضحون له غرضهم؛ أو يجيبهم بشيء ولا يفهمونه فلا يحفظونه، فيحكونه عنه بخلاف ما قاله من زيادة أو نقصان وينسبونه إليه، فيقولون: قال ابن عباس، قال ابن عباس وهو منه بريء.

وفي هذا: حَثٌّ على حسن الأدب، ومخاطبة العلماء ومراجعتهم.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سفيان، حدثنا عبد الله بن أبي يزيد قال: أخبرني أبي قال: أرسل عمر إلى شيخ من بني زهرة، فجئت معه إلى عمر وهو في الحِجْر، فسأله عن وِلَاد من وِلَاد الجاهلية، فقال الشيخ: أما النطفة فمن فلان، وأما الولد فعلى فراش فلان. فقال عمر: صدقتَ. ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالولد للفراش، فلما ولَّى الشيخ دعاه عمر فقال: أخبرني عن بناء البيت فقال: إن قريشًا كانت تَقَوِّتْ لبناء البيت فعجزوا، فتركوا بعضها في الحجر. فقال له عمر: صدقت.

الولاد: مصدر ولدت تقول: ولدت المرأة ولادا وولادة، وأولدت حان ولادها.

والنطفة: القليل من الماء، ولهذا سمى به ماء الرجل.

ومعنى هذا الكلام: أن الجاهلية كان لهم نكاح يسمونه نكاح الاستبضاع: كان الرجل يقول لامرأته -إذا طَهُرَت من طمثها-: أرسلي إلى فلان فاستبضعي، ويعتزلها زوجها ولا يمسها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي يُسْتَبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك: رغبة

<<  <  ج: ص:  >  >>