للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إن الحائض لا تنفر حتى تودّع البيت، فقالت عائشة -بعد أن ذكرت حديث صفية-: إن كان لا ينفعهم ذلك فلأي غرض يقدّم الناس نساءهم يوم النحر يفيضون، ثم قالت: لو كان ذلك الذي يقولون لأصبح بمنى أكثر من ستة آلاف امرأة حائض كلهن قد أفاضت. تريد: لولا الاكتفاء بطواف الإفاضة للنساء الحائض، لأقام كثير من النساء بعد الإفاضة؛ ينتظرن الطهر ليطفن طواف الوداع.

وفي رواية الشافعي "ينفعهم" وفي إحدى روايات الموطأ "ينفعهن"، والشافعي: رد الضمير إلى الناس يقدّمون نساءهم، ومالك: رده إلى النساء.

وأما قوله في بعض الروايات: "عقرى حلقى" فإن هاتين اللفظتين يروونها المحدثون هكذا بغير تنوين، وأهل اللغة لا يروونها إلا بتنوين، والمعنى: عقرها الله أي أصابها بالعقر، وحلقى: أصابها بوجع في حلقها، وقيل للمرأة: عقرى حلقى أي مشئومة موذية (١).

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن أبي الرجال، عن أمه عمرة أنها أخبرته أن عائشة كانت إذا حجت معها نساء تخاف أن يحضن، قدّمتهن يوم النحر فأفضن، فإذا حِضْن بعد ذلك لم تنتظر بهن أن يطهرن، فتنفر بهن وهن حُيَّض.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن أيوب، عن القاسم بن محمد: أن عائشة كانت تأمر النساء أن يُعَجِّلن الإفاضة مخافة الحيض.

هذا حديث صحيح يشرح حديث عائشة الذي تقدم قبله، وهو قولها: فلم يقدّم الناس نساءهم.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج،


(١) قال الحافظ في الفتح (٣/ ٦٨٩).
حكى القرطبي أنها كلمة تقولها اليهود للحائض، فهذا أصل هاتين الكلمتين، ثم اتسع العرب في قولها بغير إرادة حقيقتهما كما قالوا: قاتله الله، وتربت يداه ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>