للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاسم ما وُجد له مساغ في الحقيقة لم يجز حمله على المجاز، ومما يدل على أن معنى الرخصة في العرية ما جاء في حديث أبي هريرة: "أنه رخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق" ولولا ذلك لم يكن لتحديدها بالأوسق معنى، ولا حظر في شيء مما ذهبوا إليه في تفسيرها فيحتاج إلى الرخصة، والله أعلم.

انتهى كلام الخطابي.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أن بيع الرطب بالتمر لا يصح، والأصل فيه أنه لا يجوز بيع جنس يجري فيه الربا رطبه بيابسه مثل بيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب والتين الرطب باليابس، وبه قال سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب ومالك وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: يجوز.

وقال الشافعي: لا يجوز بيع الرطب بالرطب -وقال مالك وأبو حنيفة وصاحباه وأحمد والمزني: يجوز، والذي ذهب إليه الشافعي أن العرايا من النخل والعنب، فأما ما عدا ذلك من الثمار التي تجفف مثل المشمش والخوخ والأجاص ففي بيعه طريًّا بخرصه قولان:

أحدهما: يجوز؛ حملًا على النخل والكرم.

والثاني: لا؛ لأن الخرص لم يسن فيها كما سن في النخل والكرم، ويتعزر خرصها؛ لاستتار ثمرتها بورقها، وكيفية بيع العرية: أن الرجلين إذا تبايعا العرية وجب أن يُنْظَر إلى الثمرة على النخل ويحذر ذلك رطبًا وكم يجيء منه ثمرًا فيتبايعان بمثل ذلك تمرًا، ويشاهد الثمر، ولا يتفرقا إلا بعد القبض.

وقد اختلف قول الشافعي فيمن يجوز له شراء العرية فقال في "الأم": يجوز للفقير والغني، وقال في "الإملاء" و"اختلاف الحديث": لا يجوز للفقير.

واختاره المزني وبه قال أحمد، ولا يجوز بيع رطب العرية بخرصه تمرًا إلا إذا كان على رأس النخل، فأما إذا كان مقطوفًا من النخل لم يجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>