للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الفقهاء: إذا كان المتعاقدان في مجلس العقد، فطلب طالب السلعة بأكثر من الثمن ليرغب البائع في فسخ العقد، فهذا هو البيع على بيع أخيه وهو محرم؛ لأنه إضرار بالغير، لكنه منعقد لأن نفس البيع غير مقصود بالنهي؛ فإنه لا خلل فيه.

وكذلك إذا رغب المشتري في الفسخ [لعرض] (١) سلعة أجود منها بمثل ثمنها، أو مثلها بدون ذلك الثمن فإنه مثله في النهي.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: فبهذا نأخذ، فينتهي الرجل إذا اشترى من رجل سلعة فلم يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه أن يبيع المشتري سلعة تشبهها؛ لأنه لعله يَرُدَّ التي اشترى أولاً؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل للمتبايعين الخيار ما لم يتفرقا، فيكون البائع الآخر قد أفسد على البائع الأول بيعه، ثم لعل البائع الآخر يختار نقض البيع؛ فيفسد على البائع والمبتاع بيعه، قال: ولو كان البيع إذا عقداه لزمهما ما ضَرَّ البائع أن يبيعه رجل سلعة كسلعته، فإذا باع على بيع أخيه في هذه الحال فقد عصى الله -إذا كان عالماً بالحديث فيه- والبيع لازم لا يفسد، بدلالة الحديث نفسه.

قال الشافعي: وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يسوم أحدكم على سوم أخيه" فإن كان ثابتًا -ولست أحفظه ثابتًا- فهو مثل "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه" (٢) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - باع فيمن يزيد، وبيع من يزيد سوم رجل على سوم أخيه؛ ولكن البائع لم يرض السوم الأول وطلب الزيادة.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا بيع بعضكم على بيع بعض".

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا سفيان، عن الزهري عن ابن


(١) في "الأصل": تعرض، وهو تحريف.
(٢) زاد في معرفة السنن والآثار (٨/ ١٦٢): إذا رضي البائع وأَذِنَ بأن يباع قبل البيع حتى لو بيع لزمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>