فيه الوزن لاختلفا في الكيل، فإن بعض الحنطة أثقل من بعض، فَرُبّ قفيز من حنطة يوازي ثلثي قفيز من حنطة أخرى، وهذا إلا يجوز في الشرع، فإن الاعتبار بمعيار الشرع وهو ما كان في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معروفًا به كيل أو وزن، إلا أن التمر لا يبتاع به إلا موزونًا في أكثر البلاد وهو من المكيلات وإلى يومنا هذا يكال في مدينة الرسول صلوات الله عليه وسلامه بالأمداد والصيعان، وسببه أن الغالب على تمور المدينة العجوة واللينة والصيحاني وهي ما يجري فيه الكيل، وعلى الخصوص الكيل معتبر في الأجناس الأربعة المنصوص عليها، والوزن في الجنسين المنصوص عليهما.
فأما ما عداها فالاعتبار فيه بعرف الحجاز في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأما ما لا يعرف أصله في الحجاز أو لم يكن بالحجاز أصلاً فقيل: يُرَدُّ إلى أقرب الأشياء منه بالحجاز وأشبهها به، وقيل: يعتبر فيه عادة البلاد، وإن اختلف؛ حُكِمَ بالغالب عليه.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى-: المكيلات المنصوص عليها لا تكون موزونات أبدًا، وما لم يُنَصُّ عليه فالمرجع فيه إلى عادة الناس.
وقوله:"عينًا بعين" يريد ذاتًا بذاتٍ، فإن عين الشيء ذاته ونفسه، وهو منصوب على الحال.
وقوله:"فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدًا بيدٍ" جملة تفصيلها ما ذكره الشافعي في روايته في قوله: "ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب".
وقوله:"يدًا بيدٍ" احترازًا من النسيئة.
وقوله:"فمن زاد أو ازداد فقد أربى" بيان أن الحرام يعم البائع والمشتري؛ لأن قوله:"زاد" إنما يكون من أحد المتبايعين، وقوله:[أو ازداد](١) من البائع الآخر.