وقوله:"فقد أربى" أي فعل الربا، أربى يربي ربا، والربا الاسم، وقد جاء في رواية الشافعي:"لا تبيعوا الذهب بالذهب" وفي رواية الباقين: "الذهب بالذهب" ولم يذكروا "ولا تبيعوا" وإن كانت مرادة في المعنى، وإنما حذفت اكتفاءً باقتضاء "الباء" التي في قوله: "بالذهب" لها؛ لأنها تريد فعلًا تتعلق به، فيكون التقدير: بيعوا الذهب بالذهب، فإثباته أولى لتدل على نفس المطلوب منها دلالة صحيحة، وحذفها من باب الاختصار والإضمار، وهو كثير في العربية ولا سيما في القرآن العزيز، وقد اختلف العلماء في علة الربا، وإنما طلبوا العلة ليقيسوا عليها غير هذه الأشياء الستة المنصوص عليها من جهة الشارع، على أن داود ومن قال بالظاهر ومن ذهب إلى إبطال القياس قال: لا ربا إلا في هذه الأشياء الستة.
وروى مثل ذلك عن طاوس، فذهب الشافعي إلى أن علة الذهب والفضة كونهما جنس الأثمان غالبًا في جنس واحد، وقيل: لأنهما مجرى الأثمان، وقيل جنس القيم في جنس واحد، فيعدى عنده إلى الحلي وكل ما يتخذ منهما، وبه قال مالك.
وقال أبو حنيفة وأحمد: العلة فيهما أنهما موزون جنسين، فضبط فيهما الوزن والجنسية.
وأما علة الأشياء الأربعة فقال الشافعي في القديم: أنها مأكولة مكيلة أو موزونة في جنس واحد.
قال الشيخ ابن الصباغ: الأولى أن يقال مطعوم جنس مكيل أو موزون يشتمل على كل ما يؤكل ويضرب وروى هذا عن ابن المسيب.
وقال الغزالي: المروي عن ابن المسيب أنه الطعم في الجنس والتقدير، فأخرج منه المطعومات التي لا تقدر كالبطيخ والسفرجل.