للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن عبد الكريم الجزري، أخبره أن زياد بن أبي مريم مولى عثمان أخبره: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث مصدقًا له، فجاءه بظهر مسنات، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: هلكت وأهلكت فقال: يا رسول الله، إني كنت أبيع البكرين والثلاثة بالبعير المسن يدًا بيدٍ، وعلمت من حاجة النبي إلى الظهر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذاك إذًا".

"المُصُدِّق": بتخفيف الصاد وتشديد الدال المكسورة عامل الصدقة.

و"الظهر": الإبل، سميت بذلك مجازًا؛ لأن الانتفاع منها بظهورها.

و"المسنات" من الإبل خلاف الفتيات، وهي الكبار منها، أسنت فهي مسنة، وتجمع على مسان أيضًا.

وقوله: "هلكت وأهلكت" يريد به أنه لما رأى الإبل التي جاءت معه مسنات ظن أنه قد أخذها من أربابها هكذا، فقال له: هلكت بتعديك في الصدقة؛ حيث أخذت هذه المسنات من أربابها، وذلك فوق الواجب عليهم، وأهلكت أربابها بأخذك نفائس أموالهم وكرائمها عليهم، والبكر من الإبل: الفَتِيُّ منها.

وقوله: "يدًا بيدٍ" يدل على صحة قول من منع من النسيئة في الحيوان بالحيوان؛ لأنه لما قال له: "يدًا بيدٍ" أقره على فعله بقوله: "فذاك إذًا" أي حيث الأمر كما ذكرت؛ فلا لوم عليك.

ومعنى قوله: "وعلمت من حاجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الظهر" يريد به ما يعطيه أهل الصدقة في سبيل الله، ويعطي ابن السبيل منهم وغيرهم من أهل السهمان، فأعطيت البكرين والثلاثة من الإبل التي لا تُركب ولا تَحْمِل، وأخذت المُسِنَّ الذي ينتفع المسلمون به ركوبًا وتحميلًا.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس: "أنه سئل عن بعير ببعيرين، فقال: قد يكون البعير

<<  <  ج: ص:  >  >>