للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيرًا من البعيرين".

وهذا الحديث مسوق لجواز بيع البعير بالبعيربن، ذكر علة الجواز وهو أن البعير الواحد قد يكون نفيسًا ثخينًا جيدًا في نوعه فيكون خيرًا في القيمة والانتفاع به من بعيرين، فذكر علة الجواز، ولم يتعرض لذكر الجواز اكتفاءً بالعلة، وهذا من باب الفصاحة، والبلاغة أن يذكر الشيء فيدل على ما وضع له وعلى غيره، ألا ترى أنه لو صح؛ قال في الجواب يجوز: ذلك. لحصل الغرض ولم تكن علة

الجواز معلومة، وبقوله ما قال في الجواب؛ عرف الأمران.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا مالك بن أنس، عن صالح بن كيسان، عن الحسن بن محمد، عن علي بن طالب: "أنه باع جملًا [له] (١) يدْعَى عصيفيرًا بعشرين [بعيرًا] (٢) إلى أجل".

هذا الحديث أخرجه مالك في الموطأ (٣) إسنادًا ولفظًا، وهو مسوق لتأكيد ما سبق من الحكم بجواز بيع الحيوان بأكثر منه من جنسه نسيئة.

وفيه بيان أن الذكورة والأنوثة لا أثر لهما في ذلك؛ لأنه قال: "باع جملًا له" والجمل لا يكون إلا ذكرًا، فإنه في الإبل بمنزلة الرجل في الأناسي، وقال في العرض: "بعشرين بعيرًا"، والبعير يقع على الذكر والأنثى من الإبل.

وهذا الحديث مرسل، [لأن] (٤) الحسن بن محمد لم يلق جده علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

وأما تسمية الجمل بعصيفير تصغير عصفور، أو عصفير، إما أن يكون اسمًا مرتجلًا له، أو لمعنى.


(١) ليست في "الأصل"، والمثبت من مسند الشافعي.
(٢) تكررت في "الأصل".
(٣) الموطأ (١٣٣٠).
(٤) في "الأصل": لابن، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>