للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي افتتحت صُلْحًا ووظف ما صولحوا عليه على أراضيهم: خراجية؛ لأن تلك الوظيفة أشبهت الخراج الذي لزم الفلاحي وهو الغلة، كذلك قيل للجزية الواجبة على أهل الذمة: خراجٌ؛ لأنها كالغلة الواجبة عليهم.

و"استغل غلامي" واستغللته أي أخذت غلته ومحصوله وكسبه.

ومعنى قوله: "الخراج بالضمان" فيما قاله أهل العلم: هو أن يشتري الرجل مثلًا عبدًا فيستغله ثم يعثر منه على عيب دلسه البائع ولم يُطْلِعْه عليه، فله رد العبد على البائع والرجوع عليه بالثمن جميعه، والغَلَّة التي استغلها المشتري من العبد موفرة عليه؛ لأنه كان في ضمانه، ولو مات العبد مات من مال المشتري.

ومعنى هذه الباء في قوله: "بالضمان": أن الخراج مستحق بضمان الأصل، وهذا من فصيح الكلام ووجيز البلاغة.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أن الخراج في المبيعات التي يكون لها كسب ومنفعة؛ لا يخلو أن يكون كسبًا للعبد أو نماء فيه، أما الكسب فإنه يكون للمشتري كما ذكرنا ويردُّ العبد بالعيب، وعلى هذا قول جميع الأئمة من العلماء، وأما النماء: فكالولد، والثمر، واللبن، والصوف ونحو ذلك؛ فإن الشافعي يجعله بمنزلة الكسب، ويكون ذلك جميعه للمشتري، ويرد الأصل بالعيب، وبه قال أحمد.

وقال مالك: إن كان النماءُ ولدًا، رُدَّ مع الأصل، وإن كان ثمرة أو صوفًا أو شعرًا؛ فإنه للمشتري ويرد الأصل وحده.

وأما أبو حنيفة فقال: النماء يمنع من الرد بالعيب ويستحق الأرش على البائع.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: فاستدللنا إذا كانت الغلة لم تقع عليها الصفقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>