للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"لا" في قوله: "لا يرث المسلم الكافر" نافية قد تضمنت معنى النهي وورودها بلفظ النفي أبلغ في الخطاب من النهي؛ لأن النهي يتضمن أن الحكم قد كان قارًّا قبل وروده، والنفي يتضمن الإخبار عن حالته وأنها كانت منفية لم تكن ثابتة قبل ذلك.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أن لا توارث بين المسلم والكافر بحال.

وروي ذلك عن عمر، وعلي، وجابر، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وابن عباس، وبه قال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، وغيرهم [من] (١) الفقهاء والأئمة، وروى معاذ بن جبل ومعاوية: "أن المسلم يرث الكافر، ولا يرث الكافر المسلم كما يجري بينهما أمر النكاح" وبه قال محمد بن الحنفية ومحمد بن علي ابن الحسين، وابن المسيب، ومسروق، والنخعي، وإسحاق.

وأخبرنا الربيع قال: قال الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن علي بن حسين قال: "إنما ورث أبا طالب عقيل وطالب، ولم يرثه علي ولا جعفر. قال: فلذلك تركنا نصيبنا من الشعب".

هذا الحديث هكذا أخرجه مالك في الموطأ (٢) مرسلاً، وقد جاء هذا المعنى عن أسامة (٣) أنه قال: "يا رسول الله أين تنزل غدًا؛ في دارك بمكة؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه علي ولا جعفر؛ لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين".

قال الشافعي: فدلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما وصفت من أن الدينين إذا اختلفا بالشرك والإسلام لم يتوارث من سُميت له فريضة.

و"الشعب" هو شعب بني هاشم الذي كانت بيوتهم فيه بمكة، وهو الذي


(١) ليست في "الأصل".
(٢) الموطأ (١٠٨٣).
(٣) أخرجه البخاري (١٥٨٨)، ومسلم (١٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>