للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عبد السلام بن حرب، عن هشام ابن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعًا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُنكح المرأةُ المرأةَ، ولا تُنكح المرأة نفسها".

وكان يقول: "التي تنكح نفسها زانية" وقد أخرج الزهري، عن ابن عباس هذا المعنى مرفوعًا وموقوفًا.

قوله: "لا تُنكح" بضم التاء أي لا تتولى عقد النكاح، والمرأة الأولى مرفوعة؛ لأنها فاعلة، والثانية منصوبة؛ لأنها المفعولة، ويجوز أن تكون "لا" ناهية ونافية، والنهي أعم، وقد تقدم لها نظائر، فإن جعلتها نافية رفعت "تُنكح" وإن جعلتها ناهية كسرتها.

و"البغي" الزانية.

وقوله: "فإن البغى إنما تنكح نفسها" كلام هو تعليل لنفي الإنكاح أو نهيه، ولا يريد أن يجمع بين حكم البغي ولن تزويج المرأةِ المرأةَ، وأن يجعل النكاحين زنا، فقال: إن الزانية هي التي تتولى نكاح نفسها، ويريد بالنكاح ها هنا الوطء؛ لأنه ليس بين الزانية والزاني عقد نكاح، إنما هو تمكين من نفسها، وابتغاء في تحصيل الجماع لا غير.

وهذا الحديث مؤكد لما تقدم من كون المرأة لا تلي عقد النكاح.

و [قال الشافعي] (١) أخبرنا الثقة، عن ابن جريج، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه قال: "كانت عائشة -رضي الله عنها- تُخطب إليها المرأة من أهلها، فَتَشَهَّدُ، فإذا بقيت عقدة النكاح، قالت لبعض أهلها: زوج؛ فإن المرأة لا تلي عقد النكاح".

روى هذا الحديث عبد الله بن إدريس، عن ابن جريج، عن عبد الرحمن بن القاسم، وقال: لا أعلم إلا عن أبيه ... وذكره.


(١) سقط من "الأصل"، وانظر "الأم" (٥/ ١٩)، و"المعرفة" (٥/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>