للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجاهلية، وكان ضررًا بالمرأة إذا لم يردها زوجها إلى أن لا يقربها أبدًا، فلا تتزوج بغيره ولا هو يقربها، وفعل ذلك في الإسلام أيضًا، وإنما عُدي "بمن" ومن شأنه أن يعدى "بعلى" لأنه ضمن في هذا القسم المخصوص معنى البعد؛ فكأنه قيل: يبعدون من نسائهم مولين أي: مقسمين.

وقوله: "يوقف المُوْلِى" هو فعل مستقبل من أوقف، ولم يجئ في العربية أوقف وإنما جاء وقف، وهو يتعدى ولا يتعدى تقول: وقف الرجل ووقفته أنا.

وحكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: لو مررت برجل واقف فقلت له: ما أوقفك ها هنا لرأيته حسنًا.

وحكى ابن السكيت عن الكسائي مثله. وإنما اللغة الفصحى وقفته أقفه، قال الله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} (١) فكان ينبغي أن يقول: كلهم يقف المولى، أي يحبسه ويلزمه بما يجب عليه من الرجوع إلى الوطء أو الطلاق ولا شك أن هذا من تحريف النساخ أو الرواة، فإن الشافعي يجل قدره عن جهل مثل هذا من اللغة، وهو من فصحاء العرب وعلمائهم، ويدل على ذلك أنه حيث استعمل هذه اللفظة -أي في كتبه- لم يذكرها إلا بغير ألف.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن الإيلاء عبارة عمَّن حلف على ترك زوجته أكثر من أربعة أشهر، فإن حلف أربعة أشهر فما دونها لم يكن موليًا. وبه قال مالك وأحمد.

وقال أبو حنيفة: إذا حلف على ترك وطئها أربعة أشهر فما زاد، كان موليا إِيلاءً شرعيًا.

وقال النخعي، وابن أبي ليلى، وقتادة، والحسن، وحماد، وإسحاق: إذا حلف لا يطأها يومًا أو يومين أو أقل أو أكثر كان موليًا.


(١) [الصافات: ٢٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>