للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي: يحتمل طلاقه ثلاثًا أن يكون بما وجد في نفسه، لعلمه بصدقه وكذبها وجرأتها على اليمين؛ طلقها ثلاثًا جاهلاً بأن اللعان فرقة، فكان كمن طلق من طلق عليه بغير طلاقه، وكمن شرط العهدة في البيع والضمان في السلف وهو يلزمه شرط أو لم يشترط.

قال: وزاد ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرق بين المتلاعنين.

وتفريق النبي عند فرقة الزوج إنما هو تفريق حكم.

قال الشافعي: ففي حكم اللعان في كتاب الله -عز وجل- ثم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دلائل واضحة منها: أن عويمرًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل وجد مع امرأته رجلاً، فكره المسائل، وذلك أن عويمرًا لم يخبره أن هذه المسألة كانت.

قال: وقد أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعظم المسلمين في المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يكن؛ فحرم من أجل مسألته".

قال: وأخبرنا ابن عيينة، عن ابن شهاب، [عن] (١) عامر بمثل معناه.

ومنها: الدلالة على أن ما حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - حرام بأمر الله إلى يوم القيامة.

ومنها: الدلالة على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين وردت عليه هذه المسألة، وكانت حكمًا وقف عن جوابها حتى أتاه من الله الحكم فيها، فقال لعويمر: "قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك" فلاعن بينهما كما أمر الله في اللعان، ثم فرق بينهما، وألحق الولد بالمرأة ونفاه عن الأب، وقال: "لا سبيل لك عليها"، ولم يرد الصداق على الزوج فكانت هذه أحكاما وجبت [باللعان] (٢).

وأخبرنا الشافعي: عن مالك، عن هشام بن عروة وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) من الأم (٥/ ١٢٧).
(٢) في الأصل [النكاح] والمثبت من الأم (٥/ ١٢٧) وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>