للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى قوله: "عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام" أي: منعوني من استباحتها, لأن دماء المشركين وأموالهم مباحة إلى أن يسلموا، وهذا الخطاب متعلق بهم لأنهم كانوا يشركون مع الله غيره ولا يقولون: لا إله إلا الله بخلاف أهل الكتاب كانوا يقولون: لا إله إلا الله، ولذلك لا يمنع من المشركين بجزية ولا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل، والنصارى من أهل الكتاب وإن قالوا: لا إله إلا الله فإنهم يقولون بالابن وروح القدس وينقضون ما يقولونه بوجه من المشاركة إذا حوققوا فيها ظهر تهافتها وتلاشيها، وكذلك طائفة من اليهود وإن قالوا كلمة التوحيد فإنهم قالوا: عزيرٌ ابن الله، وهم فيه أضعف حجة وأخسر قولًا وفعلًا.

"وحسابهم على الله" يريد: أتى بما بعثت وكلفت أداء الرسالة واستماع الإقرار بالشهادة وحقها، فإذا قالوا بألسنتهم وباشروا الأفعال بجوارحهم قنعت منهم بذلك، ولم أومر بالنقب عن قلوبهم، والتفتيش عن ضمائرهم، والاطلاع على عقائدهم هل قالوا أو فعلوا ذلك بانعقاد الناطق مع الظاهر أم لا؟ ولا في وسع البشر علم ذلك ومعرفته، فأنا أقنع بظواهرهم وأكل بواطنهم وسرائرهم إلى الله وهو يحاسبهم عليها ويجازيهم بمودعاتها.

وعصمة المال والدم بأمرين:-

أحدهما: لا إله إلا الله.

والثاني: حقها أو حق الدماء والأموال على كلا التقديرين.

والحكم إذا تعلق بوجود شرطين لا يقع دون استكمال وقوعهما.

وفي رواية الشافعي: "لا أزال أقاتل" وهذا اختيار منه بما هو منطو عليه من الامتساك بمقاتلتهم.

و"حتى" متعلقة بقوله: "لا أزال أقاتل" وهي بمعنى "إلى أن". وفي روايات

<<  <  ج: ص:  >  >>