للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلاهما فاعل ومفعول من حيث اللفظ والمعنى، لأن المعاهد بالكسر معاهد بالفتح من جهة من عاهده وكذلك بالعكس.

وقوله: "في عهده" يريد: في مدة العهد، قال: المعاهد إنما يكون إلى مدة معلومة فإذا انقضت زال عنه حكم المعاهدة وبقي الاسم مجازًا خاليًا من الحكم المختص بالمعاهدين، فإذا قيل معاهد في عهده فديته ثلث دية المسلم.

وهذا الأثر أخرجه الشافعي في كتاب "الديات" (١) عن محمد بن الحسن، وكذلك حديث عثمان بن عفان وقد تقدم في فصل: قتل المسلم بالكافر ليجيب عنهما.

قال الشافعي في حديث عثمان: هذا من حديث من يجهل فإن كان غير ثابت فدع الاحتجاج به، وإن كان ثابتًا فعليك فيه حكم ولك فيه آخر فقل به حتى تعلم أنك قد اتبعته على ضعفه -يريد: رجوعه عن قتل المسلم بالكافر- قال: فقد روينا عن الزهري: أن دية المعاهد كانت في عهد أبي بكر وعمر وعثمان دية مسلم تامة، حتى جعل معاوية نصف الدية في بيت المال. قلنا: فتقبل أنت عن الزهري إرساله فنحتج عليك بمرسله، قال: ما نقبل المرسل من أحد وإن الزهري لقبيح المرسل، قلنا: فإذا أبيت أن تقبل المرسل وكان هذا مرسلاً وكان الزهري قبيح المرسل عندك أليس قد رددته من وجهين؟.

وقال الشافعي: الدية جملة لا دلالة على عددها في تنزيل الوحي، وإنما قبلنا عدد الدية مائة من الإبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقبلنا عن عمر الذهب والورق إذ لم يكن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدد دية المسلم، وعن عمر دية غيره ممن يخالف الإسلام إذ لم يكن فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء.

...


(١) الأم (٧/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>