للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولفظة الواو التي في قوله: "ومن" عاطفة إحدى الجمل على غيرها من جمل الحديث التي جاءت في رواية أبي داود والترمذي، فكأن الشافعي قد روى الحديث وكان هذا البعض في روايته غير مبتدأ به، فاحتاج إلى واو العطف كما احتاج إليها غيرها من الجمل الباقية.

والشهيد: هو القتيل في سبيل الله مجاهدًا، والشهادة القتل فيها، وإنما سمي القتيل شهيدًا: لأن الله -تعالى- وملائكته شهود له بالجنة، وقيل: لأنه من يستشهد يوم القيامة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأمم. فهو على الأول: فعيل بمعنى مفعول، وعلى الثاني: فعيل بمعنى فاعل.

ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبه بهم غيرهم ممن خصه بهذه الفضيلة كالغريق والحريق، والمبطون، ومن قتل دون ماله، ودون دمه، ودون أهله وغير ذلك.

والذي ذهب إليه الشافعي: لو أن رجلاً طلب رجلاً ليقتله، أو يأخذ ماله أو حريمه كان له دفعه بأيسر ما يمكنه؛ وإن أدى ذلك إلى قتله قتله ولا ضمان عليه ولا قود فيما يتلفه أو يقتله، فإن قتل هو فقد خصه النبي - صلى الله عليه وسلم - بفضيلة وإن لم يجر عليه حكمهم في الدفن والغسل والكفن والصلاة وغير ذلك فيما يتعلق بالشهداء، وإنما حكمهم حكم باقي الموتى.

وأخرج الشافعي في القديم (١) من رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تفترق أمتي فرقتين فتمرق بينهم مارقة، يقتلها أولى الطائفتين بالحق".

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم (٢).

وأخرج أيضًا: من رواية أبي عبد الرحمن بإسناده عن مسلم بن أبي بكرة وسئل: هل سمعت في الخوارج من شيء؟ قال: سمعت والدي أبا بكرة يقول


(١) المعرفة (١٢/ ٢٢٩).
(٢) مسلم (١٠٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>