للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظن بعائشة -رضي الله عنها- مع ما اشتهر عنها من العمل والفقه في دين الله والخوف من الله ومن رسوله؛ أن تحكم على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقطع السارق في ربع دينار فصاعدا ولم تحط به علما؛ أو تطلق مثل هذا التقدير بالظن والتخمين، ومن الجائز أن يكون عند غيرها أكثر قيمة ثم تفتي بذلك المسلمين؟ وهب أنه استمسك بتأويل هذه الرواية الواردة بهذا اللفظ -إذا صحت- فما عسى أن يقول في قولها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "القطع في ربع دينار فصاعدا"، وفي قوله: "لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا"، وهذا نص صريح في تقدير ما يقطع فيه" (١).

وقوله: "فصاعدا" منصوب على الحال أي: فما زاد على الربع صاعدا في الزيادة.

والذي ذهب إليه الشافعي: في أن القطع يجب فيما قيمته ربع دينار من دراهم وغيرها.

وقال مالك: يقطع في ربع دينار أو ثلاثة دراهم وهما أصلان، ويقوم غيرهما بالدراهم. وبه قال الليث وأحمد وإسحاق وأبو ثور.

وقال أبو حنيفة: يقطع في عشرة دراهم مضروبة. وقوم الذهب وسائر ما يقطع فيه بالدراهم.


(١) وتعقب الحافظ في الفتح (١٢/ ١٠٥) الطحاوي في دعواه تلك بأكثر من وجه فقال: ... وعلى هذا التعليل عول الطحاوي فأخرج الحديث عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن عيينة بلفظ: "كان يقطع"، وقال: هذا الحديث لا حجة فيه لأن عائشة إنما أخبرت عما قطع فيه فيحتمل أن يكون ذلك لكونها قومت ما وقع فيه إذ ذاك فكان عندها ربع دينار فقالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقطع في ربع دينار مع احتمال أن تكون القيمة يومئذ أكثر، وتعقب باستبعاد أن تجزم عائشة بذلك مستندة إلى ظنها المجرد، وأيضاً فاختلاف التقويم وإن كان ممكنا لكن محال في العادة أن يتفاوت هذا التفاوت الفاحش بحيث يكون عند قوم أربعة أضعاف قيمته عند آخرين وإنما يتفاوت بزيادة قليلة أو نقص قليل لا يبلغ المثل غالبًا .....
وثم وجوهًا أخرى ذكرها الحافظ وتعقب بها الطحاوي في دعواه فانظر تتمة كلامه هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>