وقال: اَغِرْ على أبنى صباحًا وحرق، قيل لأبي مسهر أبنى، قال: نحن أعلم هي يبنى فلسطين.
رواية الشافعي هي حكاية قول أسامة عند خطابه لعروة، فإنه كذا يقول المتكلم: أمرني أن أفعل كذا وكذا، ورواية أبي داود حكاية معنى كلامه ردا من المتكلم إلى الغائب، فإنه قال: اغرْ على أبنى وحرق.
فعروة قد حكى في رواية أبي داود ما قال له أسامة لا بلفظه، وفي رواية الشافعي أعاد لفظه عند خطابه، وهو أبلغ وأتقن لأن رواية الحديث بالمعنى مختلف فيها, ولقائل أن يقول: إن رواية أبي داود أبلغ لأنها حكاية لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الأمر كذا، تقول: افعل كذا وكذا، والجواب: أن أسامة إنما قال: أمرني أن أفعل كذا وكذا, ولم يقل: قال لي: افعل كذا وكذا.
وأبنى: هي مدينة عند الرملة من فلسطين، والمشهور في اسمها: يبنى -بالياء- وكذلك تسمى اليوم.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن صهيب -مولى عبد الله بن عامر- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال](١): "من قتل عصفورًا بغير حقها سأله الله -عز وجل- عن قتله" قيل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما حقها؟ قال:"أن يذبحها فيأكلها".
العصفور: مذكر، والأنثى: عصفورة. وقد رد الضمير في هذا الحديث تارة إلى مؤنث فقال:"فما فوقها بغير حقها"، هكذا في نسخ المسند على ما وصل إلينا منها، فإن لم يكن سهوا من الكاتب فيكون ذلك ردا إلى النفس أي: من قتل نفسًا.
ورده ثانية إلى مذكر فقال:"سأله -عز وجل- عن قتله" ردا إلى اللفظ، ثم