إلى قتله سبيل، قلت له: تكلم لا بأس، فقال عمر: أرتشيت وأصبت منه؟ فقلت: والله ما ارتشيت ولا أصبت منه، قال: لتأتيني على ما شهدت به لغيرك؛ أو لأبدأن بعقوبتك، قال: فخرجت فلقيت الزبير بن العوام فشهد معي، فأمسك عمر وأسلم وفرض له.
قوله:"نزل على حكم" أي: أن يحكم فيه بما يراه من: قتل، أو أسر وعفو وإطلاق وغير ذلك.
وقوله:"كلام حي أو كلام ميت"؟ يريد: إن كنت تريد أن تقتلني فأتكلم كلام من يريد أن يموت عن قريب؛ فلا يخاف ما يقول فلا يراقب أحدا.
وإن تريد لا تقتلني فإني أتكلم كلام من يريد أن يعيش؛ فيحتاط فيما يقول.
وقوله:"لا بأس" أي: لا تخف فتكلم كلام حي.
وقوله:"ما خلى الله بيننا وبينكم" أي: لم يكن له نبأ ولا بكم عناية، فإنا كنا أشد منكم قوة وأحد شوكة، فكنا نتعبدكم أي: نتخذكم عبيدًا وخولًا ونذلكم، لأن التعبد: الإذلال، فكنا نقتلكم ونغصبكم أزواجكم وأموالكم، فلما كان الله معكم ونصركم علينا وصارت الدولة لكم، لم يكن لنا بكم يدان أي: لا طاقة ولا قدرة لأن الدفع والمباشرة باليدين فكأنا عن عجزنا عنكم مسلوبوا الأيدي التي بها البطش والأخذ، تقول: ليس لي بهذا الأمر يد وليس لي بها يدان. وقوله:"تركت بعدي شوكة شديدة" هذا من قول أنس بن مالك.
والشوكة: شدة البأس والحد في السلاح، وقد شاك الرجل يشاك شوكا أي: ظهرت شوكته وحدته، وهو شائك السلاح وشاكي السلاح مقلوب منه.
ويئس من هذا الأمر: إذًا انقطع منه رجاؤه ييأس، وكذلك أيس يائس فهو آيس.